كان الإنسان في بداية الآسرات و منذ عصور ما قبل التاريخ يقوم بدفن موتاه في حفرات بسيطة مستطيلة أو مربعة الشكل في الصحراء أضيفت لها في بعض الأحيان مشكاة لوضع بعض المتاع الجنائزي و ساعدت العوامل الجوية بمصر الحفاظ على أجساد أهلها لآلاف السنين و أدي المناخ الجاف و ارتفاع درجة الحرارة و رمال الصحراء الجافة إلي امتصاص السوائل من جسد المتوفى و الحفاظ عليه بصورة طبيعية و كذلك كان للدفنات قليلة العمق دورها في حفظ الأجساد فوق أعلي منسوب للمياه الجوفية و كان المتوفى يوضع في وضع القرفصاء و كأنه جنين في بطن أمه و ربما يرجع ذلك لكون أن المعبودة الأم كانت الأساس في الديانة المصرية القديمة في تلك المرحلة و كانت الأجساد تلف بجلود الحيوانات أو حصير من البوص قبل دفنها ثم بمرور الوقت عرفوا صناعة اللفائف الكتانية و استخدموها في لف أجساد الموتى ولكنهم اكتشفوا أن بعد دفن المتوفى يأتي في الليل الحيوانات المتوحشة و تنبش القبور و تخرج جسد المتوفى و تقوم بنهشه فقاموا بوضع الجسد تحت حصيرة بالمقبرة وكانت جوانب حفرة الدفن في كثير من الأحيان تبطن بألواح من الخشب تربط إلي بعضها بسيور من الجلد و من هنا جاءت فكره التوابيت الخشبية ثم الحجرية و تطورهم لفكرة بناء حجرة للدفن و التي كانت تبني من الأحجار و كان الرأي السائد أن أول استخدام للبناء بالأحجار علي نطاق واسع في المقابر كان في المجموعة الجنائزية الهرمية لزوسر و لكن الرأي الحديث انه منذ أقدم العصور و في مراحل ما قبل التاريخ كانت حفر الدفن تحاط بألواح حجرية و مثال ذلك مقابر جبانة طره التي ترجع للفترة من 3000: 2680ق.م.
و هناك اعتقاد سائد أن التطور في العمارة الجنائزية للجزء العلوي للمقابر كان في بداية الأمر مجرد كوم من الرمال يعلو الجزء السفلي لمكان الدفن ثم تطور إلي بناء مستطيل من الطوب اللبن المحروق في الشمس يشبه المساكن بالنسبة للأفراد من عامة الشعب أو يشبه القصور الملكية بالنسبة لمقابر الملوك و هذا النوع من المقابر أطلق عليه مصطلح " مصطبة" و هو اسم أطلقه عمال الحفائر المصريين في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي علي مقابر الأشراف التي ترجع إلي عصر الدولة القديمة عندما كان يشرف عليها ماريت و هي كلمة عربية تعبر عن الدكة المبنية من اللبن أو الحجر و التي تشيد بجانب بعض المساكن في قري مصر و قد وافق ماريت علي هذه التسمية عندما رأي الشبة بين المصطبة و بين الجزء العلوي لمقابر الأشراف في الدولة القديمة و ظلت المصطبة هي الشكل الشائع للمقبرة غير الملكية علي امتداد الدولة القديمة في منطقة منف.
وبالنسبة لجسد المتوفى كان يوضع في الجزء السفلي للمقبرة أما الجزء العلوي منها فكان يتغير طبقا للتطور المعماري من فترة لأخرى و طبقا لتغير المهارات الفنية و الذوق الفني و تظهر القبور الأخيرة لما قبل الأسرات صلات واضحة بالمقابر الصغيرة التي تعود إلي بواكير الأسرة الأولي حيث تمثلت في اختيار شكل مستطيل لحجرة الدفن وتبطينها بالطوب اللبن أو الخشب وفي بعض مقابر أواخر ما قبل الأسرات تم تقسيم الحفرة بجدار فاصل إلي حجر صغيرة و عقب فترة التوحيد تطورت الغرف المتعددة العلوية كما أدخل مخطط أقتضي بناء زوج من الغرف في أحدي أو كلا طرفي المقبرة وبهذه الطريقة تم إعداد جناح من ثلاث أو خمس حجرات خصصت الوسطي منهم للدفن وحوطت المصاطب بجدار حاجز كان يصنع في البداية من الأحجار الخشنة ثم تطور بعد ذلك وأصبح يصنع من الأحجار المنحوتة المرصوصة بإتقان وعناية .
و في الفترة التي عقبت فترة التوحيد مباشرة شيدت بعض المقابر الضخمة بواجهات مزينة بالدخلات و الخرجات في المركز القديم لحضارة ما قبل الأسرات بنقادة وقد بقيت أحداهما في حالة لا بأس بها وهي مقبرة للملكة نيت حتب التي بنيت في عهد الملك عحا ويعتبر موقع هذا الأثر حلقة وصل ما بين نهاية عصر الأسرات وبداية الأسرة الأولي .
No comments:
اضافة تعليق