Saturday, August 1, 2015

مراسم وطقوس الدفن في مصر القديمة |



مراسم الدفن فنعرفها فقط من الرسوم التي علي جدران المقابر وتبدأ الطقوس الدينية في أيامها الأولي بطقس الغسيل بماء النيل لإزالة الملح الزائد وكان هذا الغسيل عملا طقسيا إلي أبعد مدي لأن المصري رأي فيه رمزا لأسطورة خلق الشمس من ماء النيل وانحسار مياه الفيضان وصور هذا الطقس في مقابر الدولة الحديثة و توابيتها ويمثل به المتوفى جالسا علي جرة كبيرة وهو يستحم في تيار من الماء يصب فوقه.
وتستمر الطقوس الدينية من خلال التعاويذ التي تقرأ في كل مرحلة من مراحل التحنيط وهناك تعاويذ مرفقة بتعليمات توصي بإزالة أظافر اليدين والأصابع قبل لفها حيث يصاحب ذلك تعويذه خاصة لكي يستعيدهما المتوفى بعد ذلك وكذلك تمسح الرأس بالزيت مسحا ختاميا بعدد من اللفائف المشبعة بالزيت أو الراتينج وتتكفل التعاويذ التي تقال معها برد الحواس لها وكذلك لبقية الأعضاء .
وكان الإله أنوبيس إله المحنطين والإله ابواوات و مُثل برأس ابن آوي من الوجوه المألوفة في الطقوس والعقائد الجنائزية إضافة إلي العديد من الآلهة ومنهم (أوزوريس , حتحور , مرت , سجرت , ايزيس , نفتيس , سرقت , نيت , أولاد حورس الأربعة ) .

أما طقوس الدفن فكانت تتم وسط نوع من الرقص الديني الجنائزي وقرع الدفوف وكان الكهنة يحملون التابوت وصندوق الأحشاء وقد تكدست الزهور حول التابوت الذي يزين بصور الآلهة التي ستساعده علي البعث يعبرون به النيل والنساء من أقارب المتوفى يندبن ويحمل تابوت أخر تمثال الميت وكان يسبق القارب الذي به جسد المتوفى قارب أخر يضم عدد من النساء يولولن في اتجاه المتوفى ويقف في مقدمة القارب واحد من أهل المتوفى يصيح بماسك الدفة بأن يتجه صوب الغرب إلي بلد الأبرار ويضم القارب الثالث أقارب المتوفى من الذكور أما القارب الرابع أصدقاء وزملاء المتوفى يحملون عصيهم في أيديهم وتحمل بقية القوارب المتاع الجنائزي وكان أقارب المتوفى وأهله وأصدقائه قد أتوا ليقدموا التكريم الأخير للمتوفى وليضعوا بمقبرته الزهور وقرابين الطعام وموكب المراكب هذا كان تقليدا لرحلة الحج التي من المفترض أن يقوم بها المتوفي عبر النيل إلي الأماكن المقدسة في أبيدوس و بوتو كما وردت في الأسطورة الفرعونية .

وتبدأ مراسم التشيع الأخير في الشاطئ الغربي من النيل فيسير الرجال في المقدمة وتتبعهم النساء وفي أثناء سير الجنازة كان يقومون الكهنة بحرق البخور أمام المومياء وبترتيل التراتيل الحزينة علي المتوفى وغالبا ما كان يتقدم طائفة من الراقصين الذين يحملون اسم (موو) ليقوموا برقصة دينية للمتوفى بملابس خاصة مع ندابتين تمثلان ايزيس ونفتيس لمحاكاة قصة مأساة أوزيريس .

وبمكان قريب من المقبرة كان يسمي "البيت الذهبي" الذي هو مصنع النحاتين يقام طقس فتح الفم والعينين والأذنين وكان الإله الذي ينسب له هذا الطقس إما الإله خنوم ولذلك لقب "سيد البيت الذهبي" أو الإله بتاح الخالق وكان كاهن هذا الطقس يسمي "سم" وكان يرتدي جلد الفهد المُميز له فكان يبدأ الطقس بتطهير تمثال المتوفى ويضعه علي قاعدة من الرمل موجها وجهه نحو الجنوب ثم يقوم بطقس فتح الفم والعينين والأذنين وذلك بلمس وجه الميت بآلات مختلفة يردد فيها (أنا أفتح فمك لكي تتكلم وأفتح عينيك لكي تري رع وأذنيك لكي تسمع تبجيلك ثم تمشي علي رجليك لكي تدفع عنك الأعداء) ويتبع بعد ذلك بعض الطقوس لكي يستعيد الميت قدرته علي تسلم الطعام الذي يقدم له يوميا في العالم الأخر ثم يقوم الكاهن بتبخير التمثال وهذا الطقس ذو طبيعة سحرية حيث يحاول التأثير علي تمثال المتوفى لكي يحصل تأثير علي جسد المتوفى نفسه .

وبعد هذا الطقس كان يذبح ثور أو بقرة ويسمي الكفارة أو ذبيحة النعش ثم يوزع لحم الذبيحة علي المشيعين وهذا جزء من قرابين الملك التي كان يقدمها الملك سابقا إلي المتوفى ثم أصبح يتولاها أقرباء المتوفى خاصة الابن الأكبر ويضاف لها الخبز والجعة وأخر الطقوس هو طقس كسر الفخار الذي كان يقام بغرض عدم عودة الموتى إلي بيت الأحياء ومضايقتهم وبعد أن تنتهي كل هذه المراسيم والشعائر يوضع التابوت في حجرة الدفن وتملأ البئر المؤدية إليها بالحصى والأتربة التي كانت قد تخلفت من تحتها ثم يترك المتوفى ليذهب إلي حياته الأخرى التي سيحياها من جديد في العالم الآخر .
وبينما كان يحتفل بوفاة الأشخاص من الطبقة الراقية بهذا الطرف لم يكن يؤبه كثيرا بالأشخاص العاديين ومع ذلك كان يتاح لهم تهيئة دفن مناسبة حيث كان يقوم الطامعون في الربح بالحصول علي مقبرة قديمة خالية محفورة في الصخر ويزيدون سعتها ثم يؤجرون الأماكن بها حيث كانت التوابيت توضع فوق بعضها حتي تبلغ السقف , لكن كان هناك من الناس من هم أشد فقرا ممن لا يستطيعون إيجاد مكان لدفن موتاهم فكانت تواري في رمال الصحراء ولكنهم حالوا أن ينالوا شيء مما تتيحه المقابر من نعم فصنعوا دمي صغيرة من الخشب تشبه المومياء من بعيد ويكتبون عليها أسماءهم ويلفونها في خرق من الكتان و يضعوها في تابوت صغير ثم يقوموا بعد ذلك بدفنه أمام مدخل مقبرة كبيرة وذلك لأنهم كانوا يرجوا أن ينال المتوفى بفضل تلك الدمية التي تمثله السعادة التي ينعم بها المدفونون داخل المقبرة .

No comments:

اضافة تعليق

جميع الحقوق محفوظة © 2013 Arch.info
تصميم : يعقوب رضا